24 أكتوبر 2017، أبو ظبي – رأى قادة الفكر والجهات الفاعلة الرئيسة في صناعة الخدمات المالية الإسلامية، أن الطلب على المنتجات من قبل صناعة الخدمات المالية الإسلامية سوف يظل فوي بسبب مختلف عوامل زيادة الطلب وقلة العرض في الآونة الأخيرة. وجاء ذلك من أثناء استعراض المتحدثون والمناقشون في جلسات مثمرة آرائهم حول الفرص المتاحة للتمويل الإسلامي في ظل التحديات التي يواجهها، وذلك خلال اليوم الأول لفعاليات قمة مجلس الخدمات المالية الإسلامية والتي تحمل عنوان “نحو تجديد زخم التمويل الإسلامي: ترسيخ المرونة والحفاظ على النمو”، حيث تمتد القمة ليومين بتاريخ 23 و24 أكتوبر 2017 في أبو ظبي – الإمارات العربية المتحدة.
وترأس جلسة النقاش الأولى والتي حملت عنوان “التمويل الإسلامي: من الخصوصية إلى الشيوع” معالي الدكتور عبد الرحمن الحميدي، مدير عام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، الذي بدأ الجلسة باستعراض التحديات الحالية التي تواجه صناعة الخدمات المالية الإسلامية، مثل زيادة حصتها في السوق، وتعزيز الهياكل المؤسسية، وتخفيض معدلات النمو، فضلًا عن مواكبة التطورات التنظيمية. حيث دعا المتحدثين المشاركين في الجلسة إلى مناقشة الفرص المتاحة من خلال صناعة الخدمات المالية الإسلامية بغية تحقيق استحواذًا أوسع. وشملت قائمة المتحدثون في هذه الجلسة السيد عرفان صديقي، الرئيس والمدير التنفيذي لبنك ميزان المحدود – باكستان، الذي استعرض خبرة البنك في توسيع أعماله على مدى العقد الماضي بسبب الطلب الواعد للمستهلك على الخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وكذلك التمويل الإسلامي نفسه كوسيلة لتعزيز التضمين المالي من خلال جذب العملاء الذين لم يتم تضمينهم في السابق لأسباب تتعلق بالعقيدة. أما الشيخ أُسيد محمد أديب كيلاني، رئيس هيئة الرقابة الشرعية العالمي، بنك أبو ظبي الإسلامي، الإمارات العربية المتحدة، فقد أكد بدوره على أهمية الحفاظ على مصداقية صناعة التمويل الإسلامي من خلال ضمان التطبيق السليم للشريعة مع ضمان الطبيعة العالمية لمنتجات التمويل الإسلامي، المتاحة للمسلمين وغير المسلمين على حد سواء. في حين صرح الدكتور محمد داماك، المدير الدولي للتمويل الإسلامي، ستاندرد آند بورز لخدمات التصنيف، دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتقدم الذي حققته صناعة التمويل الإسلامي في العقود الأخيرة، مشيرًا إلى ضرورة تحقيق “قوة عالمية” للصناعة خارج الأسواق التقليدية في الشرق الأوسط وآسيا. وبشكل عام، دعا المتحدثون إلى مواصلة جهود أصحاب الاهتمام بالصناعة لتحقيق المزيد من الاتساق والمواءمة في المسائل القانونية والشريعة، مع الحد من التعقيدات في خفض التكاليف وتعزيز القدرة التنافسية لمنتجات التمويل الإسلامي.
في حين حملت الجلسة الثانية عنوان ” التقدم الابتكاري للتكنولوجيا المالية: نعمة أم نقمة للمؤسسات المالية التقليدية“. وترأس الجلسة السيدة فينيتا تان، المحرر، أخبار التمويل الإسلامي، ماليزيا، التي بدأت النقاش من خلال تسليط الضوء على التقدم الذي حدث مؤخرًا في مجال التكنولوجيا المالية. منوهةً إلى أن حجم التكنولوجيا المالية الإسلامية الحالي يعد صغيرًا، حيث دعت المتحدثين لمناقشة دور التكنولوجيا المالية في التمويل الإسلامي، وما إذا كانت التكنولوجيا المالية سببًا في عرقلة المؤسسات المالية التقليدية. وضمت قائمة المتحدثين في هذه الجلسة معالي السيدة شوشي غ. فوناسير، نائب المحافظ، قطاع الرقابة والتدقيق، بنك الفلبين المركزي، التي عرضت من خلال مشاركتها في الجلسة ابتكار بنك الفلبين المركزي المالي الخاص بمشاريع خط الأنابيب مؤخرًا، كما ناقشت الأساليب التنظيمية التناسبية المعتمدة تجاه التكنولوجيا المالية. موضحة أن ذلك حاليًا، لم يخلق أي خلل كبير، حيث أن البنوك التجارية هي تمثل أيضًا جزءًا من منصات التكنولوجيا المالية جنبًا إلى جنب مع مقدمي خدمات التكنولوجيا المالية غير المصرفية، حيث يمكن للعملاء الاختيار بشكل يلبي أفضل متطلباتهم واحتياجاتهم. فيما عرض السيد لوقا أومبارا، مدير دائرة السياسة التنظيمية والاستراتيجيات، هيئة أسواق رأس المال، كينيا، الذي استعرض الخطوات الأخيرة التي اتخذتها كينيا لتعديل اللوائح القانونية لتمكين التمويل الإسلامي. حيث تعتبر كينيا رائدة في مجال الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، والمبادرات التنظيمية في مجال التكنولوجيا المالية لتكون أساسًا لتحقيق أهداف التضمين المالي ومعالجة الفوارق الكبيرة بين الإقراض المصرفي ومعدلات الودائع. وبدوره توقع السيد كريغ مور، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة بيهيف، الإمارات العربية المتحدة، حدوث خلل حيث أن التكنولوجيا المالية قد خلقت نهجًا جديدًا نحو تجزئة السوق من خلال تسهيل المعاملات التمويلية الصغيرة الحجم من خلال منصات التكنولوجيا المالية. مما قد يسبب قيام بعض البنوك الكبرى بإعادة تنظيم نماذج أعمالها لاستهداف المعاملات الصغيرة الحجم أيضًا. كما اعتبر أن التكنولوجيا المالية الإسلامية بمثابة إنشاء فئة أصول جديدة يمكن أن تكون وسيلة هامة لتوفير التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وشهدت الجلسة الثالثة والتي حملت عنوان ” تطبيق الإصلاحات الرقابية الجديدة: تحقيق التوازن بين سلامة مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية وقدرتها التنافسية“، مشاركة مجموعة متميزة من المتحدثين برئاسة سعادة الدكتور زمير إقبال، نائب الرئيس (للمالية)، البنك الإسلامي للتنمية. الذي دعا المتحدثين المشاركين في الجلسة إلى مناقشة القضايا المتعلقة بتطبيق الإصلاحات الرقابية الجديدة، بما في ذلك تقليص نسب التمويل بالديون، وإزالة المخاطر. هذا وقدم العرض الأول في هذه الجلسة معالي السيد جميل أحمد، نائب المحافظ، مصرف باكستان المركزي. حيث أوجز الإصلاحات الرقابية التي أعقبت الأزمة المالية العالمية، وأثارها المترتبة على صناعة التمويل الإسلامي، مشددًا على الحاجة إلى تطبيق أوسع للمعايير الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية، حيث دعا إلى القيام بمبادرات مركزة في مجالات أطر السيولة الفعالة، وشبكات الأمان المالي المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وذلك لضمان نظام رقابي للتمويل الإسلامي يتمتع بالسلامة والمرونة. وبدوره ركز السيد جاسم أحمد، الأمين العام السابق لمجلس الخدمات المالية الإسلامية على الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية، مؤكدًا على أن هناك زيادةفي التركيز على المعايير الأخلاقية العالمية، والتي هي ذات صلة وثيقة بمبادئ التمويل الإسلامي. حيث أوصى باتباع منهج منظم للإصلاحات الرقابية من خلال تطبيق معايير الجيل الثاني للمعايير الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية (التي تعد مكملة لبازل 3)، وتحقيق التوازن بين مقدار الامتثال الرقابي وتأثيره على القدرة التنافسية لمؤسسات المالية الإسلامية. من جانبه، ركز السيد غياث شابسيغ، مدير مساعد، إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية، صندوق النقد الدولي. على جانبين هامين في عرضه، (1) النظام الاقتصادي الداعم الحالي للتمويل الإسلامي (مثل الإطار القانوني، والمبادئ الإرشادية والرقابية، وهلم جرا)، وتحديد الفجوات القائمة، و (2) الاستخدام الواسع النطاق للمنتجات المالية الهجينة مثل مرابحات السلع من قبل المؤسسات المالية الإسلامية مع ما يترتب على ذلك من آثار على الاستقرار المالي. وهو ما يثير قلق صندوق النقد الدولي، ولا سيما من خلال أنشطة الرقابة وبرامج التقييم التي يقوم بها. وفي المداخلة الأخيرة، ركز جيمس أوبراين، مدير وحدة تطوير القوانين، مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، على جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في إعادة النظر مؤخرًا في الإطار الرقابي للبنك المركزي لضمان الامتثال للتطورات الرقابية العالمية، بما في ذلك مجالات إدارة المخاطر، وشبكات الأمان، وكذلك الامتثال والتدقيق. وقد تضمنت اللوائح / المعايير الجديدة مواد منفصلة تغطي خصوصيات المؤسسات المالية الإسلامية مع إعداد تقارير مخصصة للمصارف الإسلامية. كما أطلع الحضور على المبادرات التي قام بها مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي موخرًا لإنشاء هيئة شرعية عليا.
وتستأنف فعاليات اليوم الثاني للقمة يوم 24 أكتوبر 2017، والتي من المقرر لها أن تشهد جلسات تتناول مواضيع أسواق رأس المال الإسلامية: نحو تحقيق مواءمة أكبر في الأنشطة العابرة للحدود، والمضي قدمًا بالتمويل الإسلامي: تعزيز القيمة المقترحة، والحفاظ على المرونة.