8 يونيو 2016، كوالالمبور- نظم مجلس الخدمات المالية الإسلامية بدعم من بنك إسبانيا المركزي وبالتعاون مع كلية آي إي لإدارة الأعمال بإسبانيا ندوة حول التمويل الإسلامي بعنوان “الاقتصاد الحقيقي والقطاع المالي”، وذلك بتاريخ 24 مايو 2016 في العاصمة الإسبانية مدريد. حيث تعد هذه الندوة جزءاً من سلسلة المنتدى الأوروبي لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، وقد شهدت الندوة حضوراً مميزاً لأكثر من 100 متحدث ومشارك من 20 دولة. والجدير بالذكر أن فعاليات الندوة قد عقدت في مقر كلية آي إي لإدارة الأعمال.
أقر سعادة السيد/ لويس لينده، محافظ بنك إسبانيا المركزي في كلمته الافتتاحية بالأهمية المتزايدة للتمويل الإسلامي على الصعيد العالمي مركزاً بوجه خاص على التوسع الحاصل في أصول المصرفية الإسلامية، وإصدارات الصكوك، وكذلك دور التمويل الإسلامي في تعزيز التضمين المالي. كما شدد سعادته على أن تعزيز نمو التمويل الإسلامي وتطوره يعتمد على استمرار الإصلاحات المالية الرقابية واندماج التمويل الإسلامي بالنظام المالي الدولي. وفي هذا الصدد، سلط سيادته الضوء على تحديين رئيسيين، أولهما، الحاجة لمزيد من التطوير فيما يخص البنية الأساسية للتمويل الإسلامي مثل أنظمة الدفع، وإيجاد أطر لتسوية أوضاع المصارف المفلسة ومعالجتها. وثانيهما، اندماج التمويل الإسلامي في النظام المالي الأوسع، الأمر الذي ينشأ عنه تحديات مستعصية نظراً لضرورة الامتثال بالأطر التقليدية. حيث نبه سيادته إلى أن هذا يؤدي إلى نشوء قضايا مثل الازدواج الضريبي، والارتباط بالتسهيلات والأدوات المالية القائمة على الفائدة. وفي ختام كلمته أشار سعادته إلى الدور المهم الذي اضطلع به مجلس الخدمات المالية الإسلامية في تنظيم هذه الندوة، مشيداً بالجهود التي يبذلها المجلس في زيادة الوعي والفهم بشأن القضايا المعاصرة ذات الصلة بالتمويل الإسلامي.
وأما السيد/ جاسم أحمد، الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، فقد رحب في كلمته الافتتاحية بالاهتمام المتزايد بالتمويل الإسلامي في أوروبا، الذي تجسد في السنوات الأخيرة عبر إصدار تراخيص لمصارف إسلامية كان آخرها في ألمانيا، وكذلك إصدارات الصكوك السيادية في المملكة المتحدة ولوكسمبورغ. كما أشار سيادته إلى أن عوامل مثل السلوك الأخلاقي المنضبط، وتجنب الإكثار من الديون، والغرر والمضاربات غير المنضبطة، والتركيز على الاقتصاد الحقيقي وتعزيز التمويل القائم على تقاسم المخاطر تمثل الملامح الرئيسة للتمويل الإسلامي الذي يمكنه أن يسهم في امتصاص أكبر للخسائر، وبالتالي تحقيق مزيد من الاستقرار في النظم المالية. وتناول سيادته أيضاً الحاجة إلى أن يسعى التمويل الإسلامي لتعزيز التضمين المالي، ودعم الشركات المبتدئة وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تطبيق مبادئ تقاسم المخاطر، وكذلك تسهيل عمليات تمويل البنية التحتية من خلال إصدارات الصكوك وغيرها من الأمور. وشدد سيادته على أن مجلس الخدمات المالية الإسلامية يثمن بشكل كبير جوانب القوة الجوهرية التي تنبع من عامل “الضبط المؤسسي المتجذر” في التمويل الإسلامي. وفي الوقت ذاته، يرى المجلس بالتماشي مع مهامه، الحاجة إلى حزمة قوية ومتسارعة من الإصلاحات لتعزيز استقرار التمويل الإسلامي ومرونته من خلال اتخاذ تدابير استباقية لرصد المخاطر عبر نظام فعال للرقابة والإشراف. وفي هذا الصدد، فإن مجلس الخدمات المالية الإسلامية يتعاون بشكل وثيق مع نظرائه التقليديين، مثل لجنة بازل للرقابة المصرفية، والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، والاتحاد الدولي للمشرفين على التأمين.
ومن جانبه، أقر السيد/ غيليرمو دي لا ديهيسا روميرو، رئيس المجلس الاستشاري الدولي في كلية آي إي لإدارة الأعمال، خلال كلمته الترحيبية، بدور التمويل الإسلامي في تكميل الصناعة المالية التقليدية، وكيف أن تطورها السريع يتطلب إعداد رأس مال بشري مؤهل بشكل جيد. وأوضح أن وجود فهم أعمق بين ممتهني القطاع المالي لعناصر التمويل الإسلامي يمكنه أن يساعد في بلورة الجدل القائم حول النظام المالي الجديد الهادف إلى تحقيق الاستقرار المالي العالمي. ومن أجل الاستجابة لهذه الحاجة، صرح السيد روميرو بأن التمويل الإسلامي قد تم إدراجه ضمن مساقات درجة الماجستير في المالية بكلية آي إي لإدارة الأعمال منذ عام 2006. وفي الآونة الأخيرة، وبالتحديد في سبتمبر 2015، دشن المركز السعودي الإسباني للاقتصاد والتمويل الإسلامي التابع لكلية آي إي لإدارة الأعمال، بالتعاون مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، برنامج الماجستير في التمويل الإسلامي وبرنامج تنمية القدرات القيادية.
ترأس الجلسة الأولى التي حملت عنوان “التمويل الإسلامي: الاعتبارات القانونية والتنظيمية” السيدة/ بيلار لاهوتيليري فلاويس، المديرة العامة المساعدة للشؤون الدولية في بنك إسبانيا المركزي. حيث بدأت الجلسة من خلال توفير معلومات أساسية حول التحديات القانونية والتنظيمية المحيطة بالتمويل الإسلامي بشكل عام، وفي الدول غير الإسلامية بشكل خاص، من خلال تسليط الضوء على الحاجة إلى ضمان امتثال المنتجات المالية الإسلامية بلوائح الأنظمة المالية التقليدية، فضلاً عن معالجة العديد من القضايا الرئيسة مثل الازدواج الضريبي، ومتطلبات السيولة، وأطر تسوية المصارف إلى غير ذلك من الأمور. أطلعت المتحدثة الأولى السيدة/ سارة بريدين، المديرة التنفيذية بالإنابة، إدارة الرقابة على المصارف الدولية في بنك إنجلترا المركزي المشاركين على تجربة المملكة المتحدة حيث يقوم بنك إنجلترا المركزي بدعم التمويل الإسلامي من خلال لوائح وتسهيلات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية تضمن توفير فرص متكافئة. كما أشارت إلى أن إطار القانون العام المعمول به في المملكة المتحدة معتمد على نطاق واسع في العقود القانونية للعديد من المنتجات الإسلامية على مستوى العالم. مضيفةً أن بنك إنجلترا المركزي قد حدد وجود نقص في الأصول السائلة عالية الجودة للمصارف الإسلامية في المملكة المتحدة، وفي هذا الصدد، قام بنك إنجلترا المركزي بتطوير نموذج لتسهيلات الودائع المتوافقة مع أحكام الشريعة من أجل تخفيف حدة هذا النقص، ويُجرى حالياً تقييم لمدى إمكانية تطبيق هذا النموذج.
وأشارت المتحدثة الثانية، السيدة فرميدا بي، رئيسة التمويل الإسلامي في شركة نورتون روز فولبرايت بالمملكة المتحدة، إلى أن التمويلات العقارية الإسلامية كانت أول منتج يتم طرحه في المملكة المتحدة وذلك لتمكين المواطنين المسلمين في المملكة المتحدة من تملك المنازل. وأوضحت استخدام مفهوم التمويل البديل، بدلاً من استخدام مفهوم التمويل الإسلامي في الإطار القانوني للمملكة المتحدة لضمان اتباع نهج محايد يناسب الإطار المدني المعمول به من دون إبداء أي شعور بالمحاباة تجاه طرف معين. وشددت على ضرورة وجود التزام متواصل من قبل السلطات تجاه التمويل الإسلامي حيث إن كل تطور جديد يجب أن تتم مراجعته من حيث أثره على منتجات التمويل الإسلامي مثل سن قوانين جديدة للضريبة، وضريبة الدمغة، وهكذا. وبدوره ركز المتحدث الثالث السيد/ ماريو جواداميلاس، مدير الممارسات، الممارسات العالمية المعنية بالمالية والأسواق في مجموعة البنك الدولي، على ضرورة تطوير بنية تحتية للسيولة تتسم بالمتانة، وشبكات حماية مالية، وأطر رقابية وإشرافية خاصة بالتمويل الإسلامي تتسم بالشمول والفعالية. وفي هذا الصدد سلط سيادته الضوء على أهمية كل ما سبق ذكره في ضوء تحديد مجلس الخدمات المالية الإسلامية 11 بلداً على الأقل حقق التمويل الإسلامي فيها أهمية نظامية على المستوى المحلي. وأشار أيضاً إلى الحاجة إلى مزيد من البحث لفهم كيفية تأثر التمويل الإسلامي بعوامل الاقتصاد الكلي مثل انخفاض أسعار النفط، وكذلك الروابط الداخلية وقنوات انتقال المخاطر على سبيل المثال بين مؤسسات التمويل الإسلامي والتمويل التقليدي. وفي ختام الجلسة، أكد المتحدث الرابع الدكتور يعقوبو عمر، المستشار الخاص لمحافظ البنك المركزي النيجيري، أن التمويل الإسلامي أصبح متاحاً عالمياً ويمكن للجميع الاستفادة منه. كما أشار إلى أن مبادئ التمويل الإسلامي ذات صلة بهياكل مالية سليمة أخلاقياً ومعتمدة من الناحية القانونية ما يجعلها توازي إلى حد ما الفكرة الغربية الداعية إلى تمويل مسؤول اجتماعياً. وأوضح كذلك في حديثه الخطوات التشريعية ذات الصلة التي اتخذتها الحكومة النيجيرية، فضلاً عن تأسيس البنك المركزي النيجيري لـ “المجلس الاستشاري للخبراء للرقابة المالية على المؤسسات المالية غير القائمة على الفائدة” بهدف تسهيل الخدمات المصرفية غير القائمة على الفائدة في نيجيريا.
وترأس الجلسة الثانية التي حملت عنوان “الصكوك: فئة أصول بديلة ومتزايدة النمو لتمويل القطاع الحقيقي” الدكتورة/ سيليا دي أنكا، مديرة المركز السعودي الإسباني للاقتصاد والتمويل الإسلامي التابع لكلية آي إي لإدارة الأعمال التي بدأت الجلسة بإعطاء خلفية عن الزيادة السريعة في الإصدارات الحاصلة في سوق الصكوك العالمي التي تراوحت ما بين الصكوك السيادية، وصكوك الكيانات المرتبطة بالحكومة، والصكوك الصادرة عن الشركات. كما قامت بتسليط الضوء على بعض التحديات المستعصية في سوق الصكوك مثل السيولة في السوق الثانوية، واحتمال حدوث ازدواج ضريبي، من بين أمور أخرى ذكرتها، ومن ثم وجهت الدعوة للمتحدثين لمناقشة التطورات في هذا السوق وماذا ينتظره مستقبلاً. أشار المتحدث الأول السيد/ خالد محمد العبودي، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، إلى أن الطلب المتزايد بشكل سريع على الاستثمارات الأخلاقية في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية يمكن اعتباره بمثابة تحول واعد لصناعة التمويل الإسلامي بما في ذلك الصكوك التي اكتسبت اعترافاً واسع النطاق في الأسواق الدولية بوصفها أداة بديلة لتوليد الأموال. كما أوضح أن صناعة التمويل الإسلامي قد تطورت من كونها صناعة مصرفية محضة في تسعينيات القرن الماضي إلى عدة قطاعات مختلفة بما في ذلك أسواق رأس المال الإسلامي والتأمين الإسلامي. وأضاف أيضاً أن الصكوك بإمكانها دعم البنية التحتية واحتياجات التمويل الأخرى في أوروبا بوصفها مصدر تمويل بديل مستعرضاً بعض الأمثلة من ماليزيا والمملكة العربية السعودية حيث كان للصكوك دوراً أساسياً في دعم مشاريع البنية التحتية المحلية.
في حين أشار المتحدث الثاني، الدكتور محمد دمق، المدير الدولي للتمويل الإسلامي بمؤسسة ستاندرد آند بورز لخدمات التصنيف، إلى بعض التحديات في سوق الصكوك ، التي تدور حول تعقيد الهياكل المستخدمة وارتفاع تكاليف التمويل للمصدرين في مقابل السندات التقليدية التي تعد ذات هياكل بسيطة نسبياً ويمكن أن تصدر في التوقيت المناسب وبشكل فعال من حيث التكلفة. وفي هذا السياق ذكر مثالاً على إمكانية إصدار سندات في غضون أيام قليلة مقارنة بما لا يقل عن بضعة أسابيع لتحديد معايير الصكوك والحصول على موافقة لإصدارها. ومن الناحية الإيجابية، اعتبر المتحدث الثاني أن الأطر التنظيمية الآخذة بالتغير والحاجة إلى وجود أدوات رأس مال وأصول سائلة عالية الجودة متوافقة مع الأطر التنظيمية تشكل نقطة إيجابية لنمو سوق الصكوك. كما أشار إلى وجود ما يقارب من 500 مليار دولار أمريكي بوصفها رأس مال متاح لهؤلاء المستثمرين (مثل صناديق الاستثمار الإسلامية، ومشغلي التكافل، وغيرهم) الذين لا يستطيعون الاستثمار إلا في أدوات مالية متوافقة مع أحكام الشريعة، وهذا يبشر بالخير من ناحية الطلب بالنسبة لسوق الصكوك العالمي.
وقد ترأس الجلسة الثالثة، التي جاءت بعنوان “التمويل القائم على أساس حقوق الملكية وآثاره على مرونة الاقتصاد الكلي”، الدكتور شريف أيوب، الأمين العام المساعد لمجلس الخدمات المالية الإسلامية. بدأ سيادته الجلسة من خلال تسليط الضوء على اهتمام المجتمع الاقتصادي والمالي الدولي الممتد منذ وقت طويل حول تطوير قطاع مالي مستدام ومرن، حيث ناقش الفكرة التي تقدم بها بعض الاقتصاديين التي تذهب إلى اعتبار الخصم الضريبي على مدفوعات الفائدة شكلاً من أشكال “الدعم العقيم”، الذي يدفع بطبيعة الحال الجهات الفاعلة في الاقتصاد لتحمل المزيد من الديون، مما يوجد في نهاية المطاف قطاع مالي ذات مديونية مرتفعة، ومنفصل عن القطاع الحقيقي، الأمر الذي سيكون له أثر على مرونة الاقتصاد الكلي. وفي مداخلته صرح المتحدث الأول السيد/ بيتر سميث، المدير العام للسياسات والإستراتيجيات في سلطة دبي للخدمات المالية، أن الهياكل القائمة على أساس حقوق الملكية يمكن أن توفر مرونة للاقتصاد الكلي. ومن خلال اتخاذه القطاع المصرفي مثالاً، أشار إلى أن الزيادة في حقوق الملكية من خلال الزيادة في رأس المال تتسم بالمرونة، وذلك لقدرتها على امتصاص الخسائر في جانب الموجودات، وتساعد على منع حصول تهافت على سحب الودائع في جانب المطلوبات، وبالتالي تقليل الحاجة لإسعاف القطاع المصرفي من قبل دافعي الضرائب. ومع ذلك، فعلى الرغم من أن مبدأ تقاسم الربح والخسارة يعد من صميم التمويل الإسلامي، أشار سيادته إلى أنه نادراً ما يتم استخدامه وذلك نتيجة لبعض التحديات مثل (1) المعلومات غير المتجانسة حيث يجب أن تكون لدى المصارف الإسلامية دراية تامة بالمجالات التي تعتزم الدخول فيها من أجل القيام بعمليات تمويل قائمة على أساس حقوق الملكية، (2) تملك الأصول من خلال التمويل القائم على حقوق الملكية سوف يؤدي إلى حدوث تقلبات كبيرة في قوائم المركز المالي للمصارف الإسلامية، (3) ووجود طلب حقيقي وكبير على الهياكل القائمة على الدين أو الشبيهة بالدين في السوق.
في حين استعرض البروفيسور/ تشارلز جودهارت، أستاذ المصرفية والمالية في قسم الأسواق المالية، كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، بعض النتائج من ورقته البحثية حيث لاحظ زيادة لا مثيل لها في الدين قبل الأزمة المالية العالمية وخلال السنوات الثمانية التي تلت الأزمة، مما نتج عنه حصول زيادة إضافية كبيرة في نسبة الديون مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي في معظم الدول. وبناءً عليه فإن الطريق الواعد الوحيد لمعالجة أزمة الدين هذه، سيكون بالتحول من النظام القائم على التمويل من خلال الديون إلى نظام قائم على تقاسم الأرباح وحقوق الملكية. وقد اقترح بعض الطرق التي ينبغي القيام بها لتطبيق ذلك. على سبيل المثال، عن طريق إصدار سندات أو صكوك مرتبطة بالناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من أنها قد لا تلقى صدى بالضرورة لدى المستثمرين الذين يرغبون في كسب عوائد ثابتة.
وجاءت الجلسة الرابعة بعنوان “تعزيز التضمين المالي باستخدام أدوات المشاركة في المخاطر” حيث ترأسها الدكتور/ بابلو مورينو، رئيس دائرة العلاقات الدولية، بنك إسبانيا المركزي، الذي أبرز أن التضمين المالي قد أضحى موضوعاً متكرراً في جدول الأعمال المالي العالمي، وأن هناك حاجة ملحة لتعزيز التضمين المالي، وخاصة في الدول ذات الأغلبية المسلمة، التي لايزال فيها شرائح كبيرة غير متعاملة مع المصارف. وبدوره أكد المتحدث الأول في هذه الجلسة البروفيسور الدكتور/ محمد عزمي عمر، المدير العام للمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، البنك الإسلامي للتنمية، أن 40 دولة من إجمالي 48 دولة عضوة في البنك الإسلامي للتنمية شملتها دراسة بحثية توصلت إلى أن نسبة انتشار الحسابات المصرفية الرسمية فيها لا تتجاوز 50% وهو المعدل المتوسط على مستوى العالم. كما أكد في مداخلته على أن هناك ما يقرب من 1.5 تريليون مسلم في العالم غالبيتهم من غير المتعاملين مع المصارف، مما يشير إلى الحاجة إلى وجود لوائح تنظيمية خاصة بالتمويل الأصغر الإسلامي، وذلك من أجل إدخالهم ضمن القطاع المالي النظامي. كما استعرض العديد من الأمثلة على آليات اجتماعية إسلامية يمكن استخدامها لتوفير التمويل الأصغر الإسلامي مثل القرض الحسن، والزكاة، والوقف، والصدقة، وأشار إلى أن هذه الآليات هي قيد التنفيذ في العديد من الدول، بما في ذلك بنغلاديش، وإندونيسيا، والباكستان، والسودان.
في الوقت الذي تناول فيه المتحدث الثاني الدكتور/ ماركوس إغويغورن، المدير التنفيذي، التحالف العالمي من أجل مصرفية قائمة على القيم ومقره في هولندا دور منظمته في استخدام التمويل لتحقيق تنمية مستدامة على الصعيد الاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي. كما وصف المتحدث مبادئ المصرفية المستدامة التي يدعو إليها التحالف وتشمل جوانب مثل الاقتصاد الحقيقي، والشفافية، والمرونة على المدى الطويل، وميثاق العملاء، والمحصلة النهائية الثلاثية. كما أعلن أيضاً أن مصرفاً إسلامياً سيصبح في غضون أسابيع قليلة عضواً بشكل رسمي في التحالف العالمي المصرفي من أجل مصرفية قائمة على القيم. وبدوره أشار المتحدث الثالث البروفيسور/ إجناسيو دي لا توري، المدير الأكاديمي لبرنامج الماجستير في التمويل، كلية آي إي لإدارة الأعمال، إلى أنه وفقاً لبعض التقديرات، فإن حصة التمويل الأصغر الإسلامي من إجمالي التمويل الإسلامي هي صغيرة جداً ولا تمثل سوى 1٪ فقط مما يتطلب العمل على زيادتها. وفي معرض رده على الانتقادات التي تدعي أن التمويل الأصغر مكلف جداً، أوضح في مداخلته أن ذلك يرجع إلى عدد من العوامل بما فيها معدلات التضخم المرتفعة في العديد من الدول النامية مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل، كما أن تكلفة إعداد الطلبات عالية جداً في قطاع التمويل الأصغر. كما ذهب إلى أن هناك حاجة لزيادة المنافسة في السوق كي يؤدي ذلك إلى خفض تلك التكاليف والرسوم. والأهم من ذلك، تصريحه بأن الأشخاص ذوي الدخل المنخفض من إجمال عدد السكان يتمتعون بأعلى معدل استهلاك حدي، وبالتالي فإن إمدادهم بالتمويل للحصول على لقمة العيش سوف يساهم بحدوث تحسن كبير في الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
وعموماً، لاقت الندوة المشتركة تقديراً واستحساناً من قبل المتحدثين والحضور الذين أثنوا أيضاً على المنتديات الأوروبية التي نظمها مجلس الخدمات المالية الإسلامية، حيث إنها تشجع بشكل عام على إضفاء طابع تفاعلي بين المشاركين يمكنهم من مناقشة الجوانب المتعلقة بصناعة التمويل الإسلامي بهدف تحقيق فهم ووعي أفضل.