جاكارتا، 9 أبريل 2015 – نظم مجلس الخدمات المالية الإسلامية “ندوة حول تعزيز التضمين المالي من خلال التمويل الإسلامي” بتاريخ 31 مارس 2015 في العاصمة الإندونيسية جاكرتا. وذلك بالتزامن مع اجتماعات المجلس السنوية لعام 2015، والتي استضافها بنك إندونيسيا المركزي.
هذا وقد بحثت الندوة دور التمويل الإسلامي في دعم التضمين المالي، والمكونات الأساسية اللازمة لتطوير وسائل إتاحة التمويل وتعزيزها، بهدف إيصاله للشرائح المحرومة من المجتمع، كما تناولت الندوة عوامل النجاح الرئيسة والتحديات المرتبطة بتعزيز مبدأ التضمين المالي من أجل تحقيق الازدهار المشترك، والاستقرار المالي، والنمو الاقتصادي للمجتمع بكافة طبقاته.
وقد شهدت الندوة حضوراً مميزاً لأكثر من 180 مشاركاً ينتمون لـ 25 دولة من بين أعضاء مجلس الخدمات المالية الإسلامية والذين يمثلون كل من السلطات الرقابية، والمنظمات الدولية، وعلماء الشريعة فضلاً عن الأكاديميين والأطراف المعنية بصناعة الخدمات المالية الإسلامية.
وقد أبرز معالي الأستاذ اقوس مارتوواردوجو، محافظ بنك إندونيسيا المركزي، خلال كلمته الرئيسة أهمية العمل على إتاحة قدر أكبر من التمويل للشرائح المحرومة من المجتمع، وذلك لتقديم فرص متساوية لأفراد المجتمع بصفة عامة، وبناء تنمية اقتصادية مستدامة. ولكي يتم تحقيق هذا الهدف، أشار معاليه إلى أن “التمويل الإسلامي يولي اهتماماً كبيراً لقضية العمل على توفير آليات فاعلة تساهم في إيصال الخدمات المالية بشكل أفضل”. كما أكد معاليه أيضاً على أن “التمويل الإسلامي إذا ما أولى اهتماماً أكبر لتطبيق التمويل القائم على المشاركات ومنتجات التمويل الأصغر، فإنه سيلعب دوراً محورياً في إتاحة التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة، ومن ثم تعزيز الأنشطة الاستثمارية ذات قيمة مضافة”. وبالمثل، فمن الممكن صياغة خطوات أخرى فاعلة مثل دمج القطاع التجاري بالقطاع الاجتماعي الإسلامي من أجل إيجاد خدمات مالية يمكن الوصول إليها من قبل أصحاب المشاريع الصغيرة والشرائح ذات الدخل المنخفض بشكل عام. وفي ختام كلمته أشاد معاليه بدور مجلس الخدمات المالية الإسلامية في تعزيز التضمين المالي، واقترح إعداد معيار جديد خاص بأنشطة التمويل الأصغر، والذي يمكن أن يدعم مبادئ الاحتراز التشغيلي المعمول بها من قبل الجهات الفاعلة في الصناعة.
كما استعرض معالي الدكتور موليامان حداد، رئيس هيئة إندونيسيا للخدمات المالية خلال كلمته الرئيسة، الخطوط العريضة لأهمية التضمين المالي، ودور صانعي القرار في زيادة الاهتمام بالتضمين المالي كونه ذو أهمية وطنية. وقد أوضح أن من الخطوات الأولى لتحقيق هذا الهدف دراسة طبيعة الإقصاء المالي الطوعي أو غير الطوعي. وكذلك، أشار معاليه إلى الحاجة الماسة للقيام بدراسة للتعرف على ما إذا كان عملاء التمويل الإسلامي يتخذون قراراتهم على أساس القرب والملائمة أو الدافع الديني. وقد أشار معاليه مستشهداً بعدة دراسات مختلفة إلى أن الإقصاء المالي الطوعي الراجع لأسباب دينية مرتفع بشكل خاص في بعض البلدان الإسلامية. وقد حدد معاليه أن “الإسلام ينتهج بالأساس مبدأ التضمين المالي من خلال مبادئه الداعية إلى تقاسم المخاطر وإعادة توزيع الثروات”. ومن أجل تطبيق أفضل لمبدأ تقاسم المخاطر والاعتماد على آلية أكثر دقة لتسعير المخاطر، كما سلط الضوء على الحاجة الملحة لمؤشرات معيارية بديلة مناسبة. أما بالنسبة لإعادة توزيع الثروات، فقد طالب معاليه بإجراء مراجعة شاملة للإطار العملي للزكاة والصدقة من أجل ضمان اتباع نهج مستدام يتطلب بنية تحتية لتحديد المحتاجين، وإيجاد حل أكثر ملاءمة بدلاً من دفعها وفق الطريقة التقليدية. كما اقترح معاليه أيضاً إنشاء صناديق قرض حسن مخصصة لتلبية الاحتياجات التمويلية لمجموعة مستهدفة بعينها، بوصفها وسيلة لدعم تمويل البنية التحتية الاجتماعية. وفي ختام كلمته أشار معاليه إلى أنه “من دون تحديد الأولويات والالتزامات الملقاة على عاتق جميع أصحاب المصالح، سنكون عرضة لخطر الإسهام في استمرار هذه الفروقات المادية على نطاق عالمي”.
هذا وكان السيد جاسم أحمد، الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية قد أوضح خلال كلمته الافتتاحية مختلف المبادرات التي يتم اتخاذها على المستوى العالمي لتعزيز التضمين المالي. حيث استشهد ببعض التطورات التي شهدتها مجموعة الـ 20 والعديد من الهيئات الواضعة للمعايير مؤخراً، كما أوضح سيادته الإطار الذي يناقش من خلاله التضمين المالي على نحو متزايد، مع الأخذ بعين الاعتبار تطور النظام المالي الدولي. كما أشار إلى أن الإقصاء المالي الطوعي القائم على أساس ديني هو سبب شائع في العديد من دول منظمة التعاون الإسلامي، الأمر الذي يجعل “التضمين المالي تحدياً رئيساً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء”. كما قام سيادته بإطلاع المشاركين على المبادرات المختلفة التي يقوم بها مجلس الخدمات المالية الإسلامية لتوفير مبادئ إرشادية خاصة بالتضمين المالي، والتي تشمل المشروع المشترك بين مجلس الخدمات المالية الإسلامية والجمعية الدولية لمشرفي التأمين حول القضايا المتعلقة بالتكافل الجزئي، والإرشادات المتعلقة بالسياسات الواردة ضمن إصدارات مجلس الخدمات المالية الإسلامية وتقارير الاستقرار الخاصة بصناعة الخدمات المالية الإسلامية الصادرة عن المجلس، فضلاً عن المشاركة في الحوارات الدولية مع الشركاء الرئيسين وأصحاب الاهتمام بالصناعة. وفي ختام كلمته الافتتاحية أشار سيادته إلى أن خطة الأداء الاستراتيجي الجديدة لمجلس الخدمات المالية الإسلامية للفترة 2016-2018 ستشمل التضمين المالي باعتباره واحداً من أهدافها، التي سيتم تحقيقها من خلال تعزيز الشراكات القائمة مع مختلف الهيئات الدولية، وتوفير الإرشادات بشأن النهج المطلوب لتحقيق التوازن بين الإطار الرقابي للتمويل الإسلامي والابتكار المالي.
وكان سعادة الدكتور حليم علم شاه، نائب محافظ بنك إندونيسيا المركزي ذكر خلال كلمته الترحيبية أن التضمين المالي قد فتح العديد من البدائل لكثير من البلدان ليس فقط في مجال مكافحة إقصاء ذوي الدخل المنخفض من الوصول إلى الموارد المالية المتاحة، ولكن أيضاً في تعزيز الرعاية الاجتماعية. كما أشار سعادته إلى أن العديد من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تواجه العديد من التحديات المشتركة، فيما يتعلق بتوفير إتاحة مالية أوسع للطبقات ذات الدخل المنخفض، مما يزيد من أهمية هذه الندوة وتوقيت انعقادها المناسب.
وقد ترأس الجلسة الأولى من الندوة التي حملت عنوان “تعزيز التضمين المالي من خلال التمويل الإسلامي: القضايا الأساسية” الدكتور ألفريد هاننغ، المدير التنفيذي، للتحالف من أجل التضمين المالي. وتحدث في هذه الجلسة كل من الدكتور موليا سيريجار، نائب مفوض الرقابة المصرفية بهيئة إندونيسيا للخدمات المالية، والدكتور بونكي ويبوو، رئيس برنامج التحول الإلكتروني والتضمين المالي، بمكتب التحول التابع لبنك إندونيسيا المركزي، والدكتور عبد الغفار إسماعيل، مدير قسم الأبحاث بالمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع لمجموعة بنك التنمية الإسلامي. وقد عرض المتحدثون أفكارهم حول دور التكنولوجيا في توسيع نطاق التضمين المالي والحاجة إلى إيجاد توازن ما بين التكنولوجيا، وسياسات مالية مناسبة. كما ألمح المتحدثون إلى أن إحدى القضايا التي تواجه العديد من الدول هو عدم وجود سياسات واستراتيجيات واضحة فيما يتعلق بالتضمين المالي. كما أشاروا إلى أن تبني استراتيجية من أعلى إلى أسفل يمكن أن تكون أكثر فاعلية، حيث تتم مزامنة برامج التضمين المالي الوطنية مع المبادرات العالمية والإقليمية، مع إضافة جزئيات حول ترويج التضمين المالي من خلال التمويل الإسلامي. ومن بين التحديات الرئيسة التي تم تحديدها من قبل المتحدثين وهي تطوير البيئة الرقابية، وتطوير المنتجات، والجوانب التعليمية. كما تناولت الجلسة أيضاً الخطوات المحددة المتخذة من قبل مجموعة الـ 20 لتعزيز التضمين المالي، داعية في الوقت نفسه إلى المزيد من الاعتماد على التمويل الإسلامي لبناء المدخرات المحلية وتحفيز الأنشطة التجارية في مختلف الدول.
وقد حملت الجلسة الثانية عنوان ” تعزيز قدرة التمويل الأصغر الإسلامي، والشركات الصغيرة والمتوسطة الإسلامية والتكافل الجزئي للتخفيف من الفقر والمساهمة نحو النمو الاقتصادي المستدام”. حيث ترأسها السيد بيتر كيسي، مستشار مجلس الخدمات المالية الإسلامية، وتحدث في هذه الجلسة كل من السيد سعيد أحمد، نائب محافظ بنك باكستان المركزي، والسيد دومولي فريدي بارديدي، نائب مفوض الإشراف على المؤسسات المالية غير المصرفية بهيئة إندونيسيا للخدمات المالية، والأستاذ محمد كبير حسن، جامعة نيو أورليانز. وأجمعت هذه الجلسة أن توفير فرص الحصول على التمويل للمستهلكين من ذوي مستوى الدخل المنخفض، سيحد من عدم الاستقرار الاجتماعي، حيث إن التضمين المالي سيلعب دوراً حيوياً في تطوير القطاع المالي. كما حدد المتحدثون مجموعة من القضايا التي تواجه مؤسسات التمويل الأصغر والتكافل الجزئي، والتي شملت عدة أمور منها: حجم المتواضع للصناعة، وغياب الدعم الرقابي، وقلة التعليم المالي، والقيود المفروضة على المنتجات المالية. هذا وقد اتفق المتحدثون على أن المستهلكين غير المستغلين يمثلون فرصة كبيرة للترويج لمنتجات خاصة بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن منتجات التكافل الجزئي والادخار في هذه الدول. كما تم في هذه الجلسة الاتفاق على أن الجهود الرامية إلى تعزيز التضمين المالي قد نجحت في الدول التي شملت سياساتها إطار تنسيق جيد يضمن المشاركة الفعالة للحكومات، وصانعي السياسات، والسلطات الرقابية، والجهات الفاعلة في السوق، والمجتمع المحلي.
تناولت الجلسة الختامية للندوة، حلقة نقاش بعنوان “سياسات واستراتيجيات تعزيز التضمين المالي: الأنظمة والاستقرار والابتكار”, وقد ترأسها السيد دانتي بورتولا، مستشار السياسة الإقليمية -آسيا، إطار رقابي لتعزيز أسواق التأمين لصالح الفقراء في آسيا، وتحدث في هذه الجلسة كل من الدكتور عرفان شاكيبي بيك، مدير مركز دراسات الأعمال والاقتصاد الإسلامية التابع لجامعة بوجور الزراعية، والسيد وان محمد نزري بن وان عثمان، مدير قسم المصرفية الإسلامية والتكافل، البنك المركزي الماليزي، والسيد محمد أزمير، الرئيس التنفيذي لبنك أمانة بسريلانكا. حيث أجمع المتحدثون على أن هناك حاجة لإيجاد حلول بديلة لخفض تكلفة تقديم المنتجات للشرائح المحرومة من المجتمع، والتي تصل في بعض الحالات، إلى أبعاد مفرطة وغير عادلة. كما تمت الإشارة إلى أن هناك حاجة لتضافر الجهود للاستفادة من مصادر أموال بديلة لدعم مقدمي خدمات التمويل الأصغر -سواء أفي البلدان ذات الأغلبية أم الأقلية المسلمة- وهو الأمر الذي يمكن أن يتم تسهيله من خلال إيجاد منتج رئيس يهدف إلى خفض الوقت اللازم للوصول إلى السوق، وتحسين كفاءة التكلفة، وتوحيد المعايير الخاصة به، بما يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. كما اقترح المتحدثون توحيد مبادئ الضوابط الإدارية والعمليات التشغيلية لمؤسسات التمويل الأصغر الإسلامية. كما أوضح أحد المتحدثين أهمية وجود “تصنيف خاص” لمؤسسات التمويل الأصغر الإسلامية كي تتمكن المصارف الإسلامية من اختيار الشريك الخاص بهم. وفي ختام الجلسة شدد المتحدثون على ضرورة وضع “خريطة طريق للتضمين المالي”، يمكن أن تساعد في تكامل برامج التضمين المالي الإسلامي بين الحكومة، والمصارف الإسلامية، والمؤسسات المالية، والمؤسسات الاستراتيجية الأخرى مثل مؤسسات الزكاة، والأوقاف، والجهات المانحة.
هذا وقد أعقبت الندوة المحاضرة العامة الثامنة لمجلس الخدمات المالية الإسلامية عن السياسة المالية والاستقرار بتاريخ 1 أبريل 2015. حيث ألقى البروفيسور كبير حسن من جامعة نيو أورليانز بالولايات المتحدة الأمريكية محاضرة بعنوان “تطوير ريادة الأعمال من خلال التمويل الإسلامي”.
لمزيد من المعلومات حول هذه الفعاليات، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني لمجلس الخدمات المالية الإسلامية www.ifsb.org .