فتح المجال أمام الابتكارات واحتضان التكنولوجيا – توصيات للمضي قدمًا بالتمويل الإسلامي، اختتمت بها فعاليات قمة مجلس الخدمات المالية الإسلامية للعام 2017

تاريخ النشر: 25 أكتوبر 2017

25 أكتوبر 2017، أبوظبي – شهد اليوم الثاني لقمة مجلس الخدمات المالية الإسلامية للعام 2017 تداولات لقادة الفكر والجهات الفاعلة الرئيسة في صناعة الخدمات المالية الإسلامية تناولوا فيها السبل للمضي قدمًا بالتمويل الإسلامي، وخاصة من حيث تعزيز القيمة المقترحة في مقابل خفض تعقيدات المعاملات وذلك من خلال زيادة التناسق التنظيمي. ورأى المشاركون في النقاشات أن صناعة التمويل الإسلامي تحتاج إلى تبني التقدم التكنولوجي الأخير كوسيلة لتحسين عروضها مع تخفيض تكاليف المعاملات وكوسيلة لزيادة إمكانية التضمين المالي إلى شرائح أوسع من المجتمع.

واستمرت فعاليات اليوم الثاني لقمة مجلس الخدمات المالية الإسلامية، بالجلسة الرابعة التي جاءت بعنوان ” أسواق رأس المال الإسلامية: نحو تحقيق مواءمة أكبر في الأنشطة العابرة للحدود”. ترأسها السيد أشرف محمد، المستشار العام المساعد وخبير الممارسات -التمويل الإسلامي، البنك الآسيوي للتنمية. حيث بدأ الجلسة ملخصًا زيادة الاهتمام بالتمويل الإسلامي ما بعد الأزمة المالية، خاصة وأن الصكوك أصبحت أداة مفضلة لعدد من المصدرين السياديين وشبة السياديين للقيام بتجميع الأموال. ومع ذلك، أشار إلى بعض التحديات في سوق الصكوك للشركات، موصيًا باتخاذ تدابير داعمة مثل إلغاء المأوى الضريبي على مدفوعات الفوائد، وتمديد الاقتطاع الضريبي على المصروفات في إصدار الصكوك واللوائح المبسطة التي مكنت نقل ملكية الأصول لمصدري الصكوك بدون كلفة إضافية. كما رأى أن تمويل البنية التحتية، وفجوة الاستثمار الحالية، كقطاع واعد للصكوك، وقطاع سوق رأس المال بشكل عام.

وفي مداخلته شدد الدكتور عبيد الزعابي، الرئيس التنفيذي بالإنابة لهيئة الأوراق المالية والسلع في دولة الإمارات العربية المتحدة، في عرضه على الحاجة إلى تحقيق الانسجام ليس فقط من خلال المبادئ الرقابية لأسواق رأس المال والأطر القانونية، ولكن أيضًا في إصدار معيار للأطر الشرعية لتنظيم منتجات سوق رأس المال الإسلامي. كما أعرب عن قلقه إزاء هياكل الرسوم المرتفعة للصكوك مقابل السندات التقليدية في كثير من الأحيان، واعتبر تحقيق المعايير الرقابية والشرعية وسيلة للتقدم إلى الحد من هذا التحدي. كما نتطرق أيضًا إلى قلة الموظفين المؤهلين في كل من الجوانب الفنية، والجوانب الشرعية باعتبارها عامل معيق لسوق رأس المال الإسلامي.

من جانبه، تحدث السيد روبرت شارفه، الرئيس التنفيذي، بورصة لوكسمبورغ، عن انخراط لوكسمبورغ في التمويل الإسلامي منذ عام 1978، وسلط الضوء على فرص التمويل الإسلامي للاستفادة من الزخم الحالي لصناعات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG). مبديًا اعتقاده أن هناك العديد من العناصر المتقاربة بين سوق رأس المال الإسلامي، و(ESG) من حيث سياسات الاستثمار، وإصدار الشهادات، واستخدام العائدات وهلم جرا. واعتبر أن التحديات المشتركة بين سوق رأس المال الإسلامي / الصكوك و(ESG) من حيث الوصول إلى الوضع الحرج، وكذلك مواءمة قواعد الامتثال عبر الحدود، وخفض تكاليف المعاملات، فضلًا عن زيادة الأداء والعائدات، وتعزيز الرؤية والسيولة بشكل عام.

وبدوره، اعترف السيد ليليان لي فلهر، المدير التنفيذي ورئيس إدارة الخزينة والمؤسسات المالية وأسواق رأس المال، بيت التمويل الكويتي في البحرين بأن أسواق رأس المال، لا سيما في منطقة الخليج، ليست الخيار المفضل، وعادة ما تحتفظ الشركات بالعلاقات المالية على المستوى المصرفي. وبالتالي، من أجل أن تصبح الصكوك أكثر جذبًا للعملاء، فإن هناك حاجة إلى المزيد من العمل بشكل أساسي لتعزيز استخدام أسواق رأس المال مع التركيز أيضًا على مرونة البيع من حيث خفض تكاليف المعاملات والوقت اللازم لإصدار الصكوك.

وقد ترأس الجلسة الختامية، التي حملت عنوان ” المضي قدمًا بالتمويل الإسلامي: تعزيز القيمة المقترحة، والحفاظ على المرونة” معالي مبارك راشد خميس المنصوري، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي. حيث قدم معاليه ملخصًا لمختلف التحديات التي نوقشت خلال الجلسات السابقة، ولا سيما من حيث القيمة المقترحة لعملاء التمويل الإسلامي، داعيًا المتحدثين في الجلسة إلى مناقشة سبل المضي قدمًا بالتمويل الإسلامي. وبدوره اقترح مصطفى سردار بوسكا، مدير المشاريع في مجموعة بوسطن الاستشارية، دولة الإمارات العربية المتحدة، أن القيمة المقترحة من قبل المصارف الإسلامية تحتاج إلى تجاوز مجرد تقديم منتجات جيدة؛ بل إن هناك حاجة لتقديم الراحة والسهولة في التعامل مع العملاء. وهذا يتطلب من المصارف الإسلامية فتح مجال الابتكار من خلال استخدام التكنولوجيا الرقمية، فضلًا عن استقطاب المواهب المناسبة. كما أن هناك حاجة إلى تعديلات تنظيمية لمواجهة التحديات الهيكلية التي قد تعوق نموها – على سبيل المثال عدم وجود سوق ما بين المصارف الإسلامي / أسواق المال، وعدم وجود سوق الصكوك قوي يتميز بالسيولة، وكذلك غياب معايير التسعير المقبولة على نطاق واسع للمعاملات المالية الإسلامية، وهلم جرا.

وناقش معالي الدكتور الدكتور فهد إبراهيم الشثري، وكيل المحافظ للأبحاث والشؤون الدولية، مؤسسة النقد العربي السعودي، الأحداث الاقتصادية العالمية الأخيرة التي أدت إلى حدوث بعض مستويات الاستقطاب والاتجاهات الحمائية في التجارة الدولية. وعلى وجه الخصوص بالنسبة للبلدان المصدرة للطاقة، تسببت أسعار النفط المنخفضة لفترة طويلة في حدوث عجز كبير في القطاع العام مما يتيح فرصة للتمويل الإسلامي، ولا سيما على صعيد الصكوك. ورأى أن هناك حاجة ملحة لربط التمويل الإسلامي بالجداول التنموية واحتياجات الدول. وعلى سبيل المثال، سلط الضوء على المستويات المرتفعة للفقر والإقصاء المالي في بلدان منظمة التعاون الإسلامي كجانب يتطلب معالجة عاجلة من خلال التمويل الإسلامي.

ومن جانبه، أوضح السيد خالد حمد عبد الرحمن حمد، مدير تنفيذي، الرقابة المصرفية، مصرف البحرين المركزي، أن حجم الأصول الصغير نسبيًا للمصارف الإسلامية يعني زيادة غير مفضلة في تكاليف المصارف للامتثال للتطورات الرقابية الجديدة. وعلاوة على ذلك، يساهم عدم تناسق معايير التمويل الإسلامي أيضًا في عدم كفاءة نماذج الأعمال المصرفية الإسلامية. موضحاً أن هناك نقص كبير من ناحية الابتكار- مما يستدعي حاجة المصارف الإسلامية إلى تثبيت أدوات إسلامية لإدارة الخزينة تتميز بالقوة، وذلك لتتجاوز الجدل الناتج عن منتجات المرابحة بالسلع، وبدلًا من تطوير أساليب أكثر تقدمًا بما في ذلك إصدار الصكوك، باستخدام عقود الوكالة / المضاربة، وهلم جرا. معربًا عن اعتقاده بأن القيود على الجهتين -الأدوات الفعالة لإدارة المخاطر والتصورات غير المواتية بشكل عام – أدت إلى عدم الاستفادة من عقود المضاربة / المشاركة في التمويل الإسلامي.

وأخيرا، ناقش السيد مرزونيشام عمر، مساعد محافظ، البنك المركزي الماليزي، تجربة ماليزيا، وشدد على أنه من واجب السلطات الرقابية والإشرافية أن تكون لديها البنية الأساسية اللازمة في السوق لدعم التمويل الإسلامي. مشيدًا بالعمل الذي يقوم به مجلس الخدمات المالية الإسلامية في مجال المعايير الاحترازية التي يمكن أن تستخدمها الدول لتبسيط أنظمتها المالية الإسلامية. موافقًا على أن نمو التمويل الإسلامي قد تراجع إلى رقم أحادي الخانة في السنوات الأخيرة، وأنه قد يكون أنه سيبقى على هذا النحو في المستقبل القريب. ومع ذلك، اقترح التركيز على توفير القيمة للعملاء – وذلك ليس فقط للعملاء المسلمين ولكن لجميع شرائح المجتمع – كوسيلة لتوسيع الجمهور المستهدف من منتجات التمويل الإسلامي. وقد يكون ذلك ممكنا من خلال نهج ذي أربعة محاور يركز على الابتكار، وتنمية المواهب، واستخدام التكنولوجيا، وزيادة تدويل التمويل الإسلامي.

وبشكل عام، أعرب المشاركون في القمة عن تقديرهم الكبير لفرصة التفاعل مع المتحدثين وإتاحة الفرصة لهم لمناقشة القضايا ذات الصلة من أجل تعزيز صناعة التمويل الإسلامي العالمية. وفي الختام قام معالي محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي باختتام فعاليات قمة مجلس الخدمات المالية الإسلامية للعام 2017، بعد ظهر اليوم بالقيام بتوصية أصحاب الاهتمام بالصناعة باستخلاص الدروس من المناقشات التي دارت على مدى اليومين وتطبيقها.

وكانت قمة مجلس الخدمات المالية الإسلامية للعام 2017 والتي حملت عنوان ” نحو تجديد زخم التمويل الإسلامي: ترسيخ المرونة والحفاظ على النمو”، امتدت ليومين ما بين 23 و24 أكتوبر 2017 في أبو ظبي – الإمارات العربية المتحدة باستضافة كريمة من قبل مصرف الإمارات العربية المتحدة. وشهدت القمة حضورًا مميزًا لقادة صناعة الخدمات المالية الإسلامية البارزين، وخاصة أعضاء مجلس الخدمات المالية الإسلامية من بين السلطات الرقابية والإشرافية، والمنظمات الدولية والمؤسسات المالية، فضلاً عن المشاركين من القطاع المالي في دولة الإمارات العربية المتحدة.