علماء الشريعة وأصحاب الاهتمام بصناعة التمويل الإسلامي يناقشون القضايا الخاصة بشبكات الحماية المالية من خلال فعاليات طاولة النقاش لمجلس الخدمات المالية الإسلامية والأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية

تاريخ النشر: 19 نوفمبر 2015

من اليسار إلى اليمين جلوساً: جاسم أحمد، الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، الشيخ البروفيسور علي محي الدين القرة داغي، زميل، الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، الشيخ الدكتور نظام محمد صالح يعقوبي، مجلس علماء إسرا ، الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، الشيخ البروفيسور الدكتور محمد علي القري، مجلس علماء إسرا ، الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، الشيخ الدكتور أوني ساحراني، مجلس علماء إسرا ، الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، البروفيسور الدكتور أشرف محمد هاشم، الرئيس التنفيذي، لمؤسسة إسرا للاستشارات
من اليسار إلى اليمين وقوفاً: البروفيسور الدكتورة/ أنكو رابعة العدوية أنكو علي، الجامعة الإسلامية العالمية ماليزيا، الدكتور عبد الباري مشعل، رئيس مجلس إدارة مؤسسة رقابة للاستشارات، السيد/ بادليشا عبد الغني، رئيس المعهد المعتمد لممتهني التمويل الإسلامي، والرئيس التنفيذي السابق لبنك سي. آي. إم. بي، ماليزيا، الدكتور شريف أيوب، الأمين العام المساعد، مجلس الخدمات المالية الإسلامية، الأستاذ المشارك الدكتور سعيد بوهراوة، كبير الباحثين، الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، السيد زاهد الرحمن خوخر، الأمين العام المساعد، مجلس الخدمات المالية الإسلامية، السيد جمشايد أنور شتة، محلل مالي رئيس، مكتب الاستقرار المالي/قطاع الرقابة، بنك الكويت المركزي، الدكتورة حورية الإسلامي، الرئيس المشترك لقسم الشريعة والضبط المؤسسي لدى، لبنك سي. آي. إم. بي الإسلامي، ماليزيا
الجلسة الأولى: تسهيلات المسعف الأخير: -هيكلة أدوات وآليات تتوافق مع أحكام الشريعة

19 نوفمبر 2015، كوالالمبور – نظم مجلس الخدمات المالية الإسلامية والأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية طاولة نقاش شرعية تحت عنوان “شبكات الحماية المالية: تحقيق التوازن بين متطلبات الشريعة وسلامة النظام المالي الإسلامي”. وذلك يوم 5 نوفمبر 2015 في العاصمة الماليزية كوالالمبور.

سعت طاولة النقاش إلى توفير منصة تجمع بين كل من علماء الشريعة، والخبراء القانونيين، والسلطات الرقابية لمناقشة المكونات الرئيسة لشبكات الحماية المالية، مثل تسهيلات المسعف الأخير، ونظام التأمين على الودائع من منظور الشريعة.

وقد شهدت طاولة النقاش حضوراً مميزاً لأكثر من 70 مشاركاً ينتمون لـ 9 دول من المنظمات الأعضاء وغير الأعضاء في مجلس الخدمات المالية الإسلامية والذين يمثلون كل من السلطات الرقابية، والمنظمات الدولية، وعلماء الشريعة فضلاً عن الأكاديميين والأطراف المعنية بصناعة الخدمات المالية الإسلامية

وقد أوضح السيد/ جاسم أحمد، الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، خلال كلمته الافتتاحية، أن شبكات الحماية المالية تعد أحد العناصر الأساسية للإطار المتكامل للاستقرار المالي، حيث برزت أهميتها خلال الأزمة المالية العالمية. كما أكد سيادته أن آليات شبكة الحماية المالية مثل تسهيلات المسعف الأخير ونظم التأمين على الودائع يجب أن تكون متوافقة مع مبادئ الشريعة. ولكي يتم تقديم هذه التسهيلات في عدد أكبر من الدول، فإنه من المهم أن يقوم علماء الشريعة بأخذ زمام المبادرة وقيادة النقاشات مع كل من السلطات الرقابية والخبراء القانونيين والأطراف المعنية بصناعة الخدمات المالية الإسلامية، وذلك من أجل تحديد العقبات والتحديات التي تواجه استحداث تسهيلات متوافقة مع أحكام الشريعة. كما استعرض السيد/ جاسم أحمد للحضور الدور المهم الذي يقوم به علماء الشرعية الشريعة ضمن عمل مجلس الخدمات المالية الإسلامية، حيث يعد العمل الذي يضطلعون به في صلب إجراءات إعداد المعايير والمبادئ الإرشادية، ويتمثل دورهم في قيام أعضاء الهيئة الشرعية للبنك الإسلامي للتنمية بمراجعة وتمحيص مسودات المعايير، والموافقة على محتواها قبل تقديمها للمجلس الأعلى لإصدارها. كما يمكن لعلماء الشريعة إبداء آراءهم حول مسودات المعايير خلال فترة الاستشارة العامة.

أما البروفيسور الدكتور/ محمد أكرم لال الدين المدير التنفيذي للأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، فقد سلط خلال كلمته الافتتاحية، الضوء على الحاجة إلى اتباع نهج أكثر تعاوناً بين مختلف أصحاب الاهتمام بصناعة الخدمات المالية الإسلامية، والذي من شأنه أن يساعد على تطوير التعاون، وكذلك دعم نمو صناعة الخدمات المالية الإسلامية على أسس متينة. كما شدد من خلال كلمته أن أحكام الشريعة هي العمود الأساس لهذه الصناعة، كما أنها العامل الرئيس الذي يتميز به التمويل الإسلامي عن التمويل التقليدي. وأختتم كلمته بالتأكيد مجدداً على أهمية اتباع مبادئ الشريعة العامة لوضع أدوات لشبكات الحماية المالية وغيرها من المنتجات للعملاء.

هذا وأعقب الجلسة الافتتاحية عرضاً قدمه الدكتور/ شريف أيوب، الأمين العام المساعد لمجلس الخدمات المالية الإسلامية عن الأنشطة الرئيسة والمجالات الإستراتيجية التي يركز عليها مجلس الخدمات المالية الإسلامية، عرّف من خلاله الحضور على الدور الرئيس لعلماء الشرعية في مراجعة مسودات المعايير الاحترازية وتقديم اقتراحات بشأنها خلال المراحل المختلفة لعملية كتابتها.

وقد سبق الجلسة الأولى حول تسهيلات المسعف الأخير، عرضاً حول تقوية شبكة الحماية المالية: دور تسهيلات المسعف الأخير المتوافقة مع أحكام الشريعة، بوصفها آلية تمويل طارئة، قدمه السيد/ جمشايد أنور شتة، الذي يشغل منصب محلل مالي رئيس بمكتب الاستقرار المالي/قطاع الرقابة في بنك الكويت المركزي. قدم من خلاله لمحة عامة عن مفهوم شبكات الحماية المالية، كما سلط الضوء على القضايا التشغيلية والشرعية التي تواجهها البنوك المركزية في توفير تسهيلات المسعف الأخير للمصارف الإسلامية. كما استعرض للحضور تجربة بنك الكويت المركزي في توفير تسهيلات المسعف الأخير المتوافقة مع أحكام الشريعة.

ترأس الجلسة الأولى التي حملت عنوان “تسهيلات المسعف الأخير: هيكلة أدوات وآليات تتوافق مع أحكام الشريعة” البروفيسور الدكتور/ أشرف محمد هاشم، الرئيس التنفيذي، لمؤسسة إسرا للاستشارات. وتحدث في الجلسة عضوان من مجلس علماء إسرا، الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، وهما فضيلة الشيخ البروفيسور الدكتور/ محمد علي القري، وفضيلة الشيخ الدكتور/ أوني ساحراني. أشار فضيلة الشيخ الدكتور/ محمد القري في عرضه إلى الصفات الرئيسة الواجب توفرها لضمان فعالية آلية تسهيلات المسعف الأخير، كما استعرض بعض الإشكالات الشرعية والتطبيقية المرتبطة ببعض هياكل المسعف الأخير المتوافقة مع أحكام الشريعة التي يتم ممارستها حالياً. وتلى ذلك تقديمه مقترحين لآليات معدلة، حيث تقوم فكرة المقترح الأول على عقود المضاربة اليومية التي يكون فيها المصرف الإسلامي مضارباً، والبنك المركزي رباً للمال. أما المقترح الثاني فيعتمد على استخدام اتفاقيات إعادة شراء معدلة. بدوره قام فضيلة الشيخ/ أوني سحراني بالتأكيد على أهمية تسهيلات المسعف الأخير للمصارف الإسلامية والنظام المالي الإسلامي بشكل عام. حيث عرض مقترحات بديلة لآليات المسعف الأخير، منها على سبيل المثال: التمويل بالمضاربة، والبيع مع الوعد بإعادة الشراء، وإنشاء صندوق مشترك لإدارة السيولة، وكذلك تقديم قروض حسنة من قبل البنك المركزي، بالإضافة إلى إصدار الصكوك الاستثمارية.

وقد شارك في التعقيب على هذه الجلسة كل من السيد/ بادليشا عبد الغني، رئيس المعهد المعتمد لممتهني التمويل الإسلامي، والرئيس التنفيذي السابق لبنك سي. آي. إم. بي، ماليزيا. والبروفيسور الدكتورة/ أنكو رابعة العدوية أنكو علي، الجامعة الإسلامية العالمية ماليزيا. حيث أشار السيد/ بادليشا عبد الغني في مداخلته إلى أهمية استخدام الأسلوب المناسب عند التواصل مع البنك المركزي بخصوص متطلبات الشريعة، وكذلك الحاجة إلى إيجاد طريقة فعالة لتطبيق وتفعيل تسهيلات المسعف الأخير المتوافقة مع أحكام الشريعة. ومن جهتها عقبت البروفيسور الدكتورة/ أنكو رابعة أنكو علي على المقترح البديل القائم على عقود المضاربة اليومية بالإشارة إلى القضايا الشرعية الشرعية المحتمل بروزها عند تطبيق هذا المقترح، ونوهت إلى أنه يمكن استخدام عقد الوكالة بوصفه آلية بديلة، حيث يقوم البنك المركزي بدور الموكل والمصرف الإسلامي بدور الوكيل. كما أطلعت الحضور على بعض القضايا الشرعية الخاصة باتفاقيات إعادة الشراء.

وقد بدأت الجلسة المسائية بعرض حول تقوية شبكة الحماية المالية: دور وآليات الهياكل المتوافقة مع أحكام الشريعة لنظم التأمين على الودائع المصرفية قدمه السيد/ سيد فايق نجيب، عضو الأمانة العامة، قسم الشؤون الفنية والبحوث بمجلس الخدمات المالية الإسلامية، حيث استند في عرضه إلى الاستبيان الذي قام به مجلس الخدمات المالية الإسلامية وكذلك مشروع ورقة العمل حول الموضوع نفسه، متناولاً أهمية وضع نظم للتأمين على الودائع وفق أسس متوافقة مع أحكام الشريعة، حيث تعد مثل هذه النظم عنصراً لا يمكن الاستغناء عنه لاستقرار النظم المالية في فترة ما بعد الأزمة المالية العالمية. كما سلط الضوء على النماذج الحالية المتوافقة مع أحكام الشريعة لنظم التأمين على الودائع المطبقة في دول مختلفة، وكذلك التحديات التشغيلية والشرعية التي يجب أخذها في الحسبان عند تطبيق هذه النماذج.

هذا وترأس الجلسة الثانية التي حملت عنوان “هياكل متوافقة مع أحكام الشريعة لنظام تأمين على الودائع المصرفية”. فضيلة الشيخ الدكتور/ نظام محمد صالح يعقوبي، عضو مجلس علماء إسرا. الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، وتحدث فيها كل من فضيلة الشيخ البروفيسور الدكتور/ علي محي الدين القرة داغي، زميل في الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية. والأستاذ المشارك الدكتور/ سعيد بو هراوة، كبير الباحثين لدى الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، الذي عرض ورقة البحث المقدمة من الشيخ الدكتور/ عبد الستار أبو غدة عضو مجلس علماء إسرا، الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية. قدم فضيلة الشيخ/ القرة داغي في بداية عرضه وصفاً لثلاثة أنواع من الحسابات التي تتطلب الحماية وهي الحسابات الجارية، وحسابات التوفير، والحسابات الاستثمارية. حيث أكد أن التأمين على الحسابات الجارية، وحسابات التوفير يعد مماثلاُ للتأمين على الديون. وبالتالي، فإنه جائز شرعاً طالما أن المفهوم الأساسي المستخدم هو التأمين التكافلي. أما بالنسبة لحماية حسابات الاستثمار، فقد أشار فضيلته إلى إمكانية حماية رأس المال لهذه الحسابات وفق مفهوم التأمين التكافلي من خلال الاعتماد على آليتين. وتقوم الآلية الأولى على فكرة قيام مجموعة من البنوك الإسلامية بالتفاوض مع شركات التكافل للحصول على أفضل تغطية تكافلية ممكنة لحماية رؤوس أموال الحسابات الاستثمارية. أما الخيار الثاني فهو إنشاء المصارف الإسلامية محفظة أو صندوقاً لتغطية أي خسائر قد تلحق بأصحاب حسابات الاستثمار وفق ضوابط محددة. فيما استعرض الدكتور سعيد بو هراوة، من خلال مداخلته، أشكال أنظمة حماية رأس المال المتوافقة مع أحكام الشريعة، وقام كذلك بعرض تفصيلي للمكونات الرئيسة الواجب توفرها في أي نظام للتأمين على الودائع متوافق مع أحكام الشريع. واختتم حديثه بالتطرق إلى بعض الأمثلة لأنظمة التأمين على الودائع المتوافقة مع أحكام الشريعة المطبقة في بعض الدول.

وقد شارك في التعقيب على هذه الجلسة كل من السيد/ محمد صبري منصور، مدير أول، المؤسسة الماليزية للتأمين على الودائع، والدكتورة/ حورية الإسلامي، الرئيس المشترك لقسم الشريعة والضبط المؤسسي لدى بنك سي. آي. إم. بي الإسلامي، ماليزيا، والسيد/ مزلان محمد حسين، شريك ورئيس قسم الخدمات المالية الإسلامية، زيد إبراهيم وشركاؤه، ماليزيا. وقد أشار السيد/ محمد صبري منصور خلال تعقيبه أن الغرض من التأمين على الودائع هو حماية المودعين وتعزيز استقرار النظام المالي، مما يستدعي إتاحة أنظمة تأمين على الودائع متوافقة مع أحكام الشريعة للمصارف الإسلامية. الأمر الذي سيؤدي إلى توفير فرص متكافئة للمصارف الإسلامية وتعزيز النمو المستدام للقطاع المصرفي الإسلامي. كما دعا سيادته إلى أهمية إبراز العناصر غير المتوافقة مع أحكام الشريعة في نظم التأمين على الودائع التقليدية، والتي من شأنها إيضاح الحاجة إلى أهمية طرح آليات تأمين على الودائع متوافقة مع أحكام الشريعة. كما أوضح سيادته أهمية تقييم مدى تماشي مزايا نظام التأمين على الودائع المتوافق مع أحكام الشريعة مع المعايير اللازمة لنظام تأمين على الودائع يتسم بالفعالية. بدورها ركزت الدكتورة/ حورية الإسلامي على التحديات القانونية في تطبيق نظام تأمين على الودائع متوافق مع أحكام الشريعة في مختلف الدول. كما تناولت مختلف أشكال الودائع التي يجب حمايتها وكيفية حمايتها بطرق متوافقة مع أحكام الشريعة. وفي ختام التعقيبات نوه السيد/ مزلان محمد حسين إلى أن نظم التأمين على الودائع للمصارف الإسلامية لا يجب أن تكون متوافقة مع أحكام الشريعة فقط، بل يجب أيضاً أن تكون فعالة من الناحية القانونية، وذلك بمنحها السلطة والصلاحيات القانونية التي تجعلها فعالة. وفي ختام تعقيبه دعا الحضور للاستفادة من تجارب الدول الأخرى فيما يتعلق بنظم الـتأمين على الودائع.

الجدير بالذكر أنه تم التأكيد في ختام فعاليات طاولة النقاش أن استمرار النقاشات والحوارات بين أصحاب الاهتمام بالصناعة حول هيكلة آليات تسهيلات المسعف الأخير، ونظم التأمين على الودائع المتوافقة مع أحكام الشرعية, سوف يساعد في توفير هذه النظم في العديد من الدول، الأمر الذي سيساهم في تقوية صناعة الخدمات المالية الإسلامية وزيادة مرونتها.

ومن المتوقع أن يصدر كل من مجلس الخدمات المالية الإسلامية والأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية كتاباً مشتركاً يحتوي على مجريات طاولة النقاش باللغتين العربية والإنجليزية في العام 2016 إن شاء الله، وذلك لتعم الفائدة على أصحاب الاهتمام بصناعة الخدمات المالية الإسلامية.